مقدمات
في الأخلاق الإسلامية
تعريف علم الأخلاق
وموضوعهأهمية
الأخلاقالثمرات المستفادة من دراسة
الأخلاقالغاية من الالتزام
بالأخلاقمصادر الأخلاق
الإسلاميةتقسيم الأخلاق باعتبار
علاقاتهاخصائص الأخلاق
الإسلاميةفضائل مكارم
الأخلاقمكارم الأخلاق ضرورة
اجتماعيةأصالة الأخلاق عند
المسلمينالفرق بين الأخلاق والصفات
الإنسانيةاكتساب الأخلاق
الإسلاميةقابلية الناس لاكتساب
الأخلاق
معنى
الأخلاق لغة واصطلاحاً
معنى
الأخلاق لغة:
الأخلاق جمع خلق، والخلق اسم لسجية الإنسان وطبيعته التي خلق
عليها. قال ابن منظور: (الخُلُقُ بضم اللام وسكونها هو الدين والطبع والسجية،
وحقيقته أن صورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة
الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها) (1) ويقول صاحب كتاب (القاموس) (والخلق
بالضم وبضَمَّتَيْنِ: السَّجِيَّةُ والطَّبْعُ والمُروءةُ والدينُ) (2) وقال
الراغب: (والخلق والخلق في الأصل واحد، كالشرب والشرب، والصرم والصرم، لكن خص الخلق
بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وخص بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة)
(3).
معنى الأخلاق اصطلاحا:
عرف الجرجاني الخلق بأنه: (عبارة عن هيئة للنفس
راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كان الصادر
عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقا حسنا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة
سمّيت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقا سيئا) (4).
وعرفه ابن مسكويه في (تهذيب
الأخلاق) بقوله: (الخلق: حال للنفس داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا روية،
وهذه الحال تنقسم إلى قسمين: منها ما يكون طبيعيّا من أصل المزاج، كالإنسان الذي
يحركه أدنى شيء نحو غضب ويهيج من أقل سبب، وكالإنسان الذي يجبن من أيسر شيء، أو
كالذي يفزع من أدنى صوت يطرق سمعه، أو يرتاع من خبر يسمعه، وكالذي يضحك ضحكا مفرطا
من أدنى شيء يعجبه، وكالذي يغتم ويحزن من أيسر شيء يناله. ومنها ما يكون مستفادا
بالعادة والتدرّب، وربما كان مبدؤه بالروية والفكر، ثم يستمر أولا فأولا حتى يصير
ملكة وخلقا) (5).
وذهب الجاحظ إلى (أن الخلق هو: حال النفس، بها يفعل الإنسان
أفعاله بلا روية ولا اختيار، والخلق قد يكون في بعض الناس غريزة وطبعا، وفي بعضهم
لا يكون إلّا بالرياضة والاجتهاد، كالسخاء قد يوجد في كثير من الناس من غير رياضة
ولا تعمل، وكالشجاعة والحلم والعفة والعدل وغير ذلك من الأخلاق المحمودة)
(6).
_________
(1) ((لسان العرب)) لابن منظور (10/ 86).
(2) ((القاموس
المحيط)) لمجموعة مؤلفين (ص881).
(3) ((مفردات ألفاظ القرآن الكريم)) للراغب
الأصفهاني (ص297).
(4) ((التعريفات)) للجرجاني (ص101).
(5) ((تهذيب الأخلاق))
لابن مسكويه (ص41).
(6) ((تهذيب الأخلاق)) للجاحظ (ص
12).
تعريف
علم الأخلاق وموضوعه
عُرِّف
علم الأخلاق بعدة تعريفات منها:
1 - هو (علم: موضوعه أحكام قيمية تتعلق بالأعمال
التي توصف بالحسن أو القبح) (1).
3 - وعرفه أحمد أمين بأنه (علم: يوضح معنى
الخير والشر ويبين ما ينبغي أن تكون عليه معاملة الناس بعضهم بعضا ويشرح الغاية
التي ينبغي أن يقصد إليها الناس في أعمالهم وينير السبيل لما ينبغي) (2).
موضوع
الأخلاق
هو كل ما يتصل بعمل المسلم ونشاطه وما يتعلق بعلاقته بربه، وعلاقته مع
نفسه، وعلاقته مع غيره من بني جنسه، وما يحيط به من حيوان وجماد.
(3)
_________
(1) ((المعجم الوسيط)) لمجموعة مؤلفين (1/ 252).
(2) ((كتاب
الأخلاق)) لأحمد أمين (ص.
(3) ((موسوعة الأخلاق)) لخالد الخراز (ص
22). أهمية
الأخلاق
(إنَّ
أهمية الأخلاق للحياة الإنسانية في نظر الإسلام ينظر إليها من اعتبارات مختلفة
أهمها:
أولاً: علاقة الأخلاق ببناء الشخصية الإنسانية:
الإنسان جسد وروح،
ظاهر وباطن، والأخلاق الإسلامية تمثل صورة الإنسان الباطنة، والتي محلها القلب،
وهذه الصورة الباطنة هي قوام شخصية الإنسان المسلم، فالإنسان لا يقاس بطوله وعرضه،
أو لونه وجماله، أو فقره وغناه، وإنما بأخلاقه وأعماله المعبرة عن هذه الأخلاق (1)،
يقول تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر
إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) (2) ويقول صلى الله
عليه وسلم –أيضا-: ((لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم،
أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخزء بأنفه، إن الله أذهب عنكم عبية
الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من
تراب)) (3).
ثانياً: ارتباط الأخلاق بالأسس العقدية والتشريعية للدين
الإسلامي:
جعل الإسلام العقيدة الأساس الأول الذي تصدر عنه الأخلاق الفاضلة،
وارتباط الأخلاق بالعقيدة أمر معلوم لكل من له فكر وروية بأمور الإسلام، وهذا
الارتباط يشكل ضمانة لثبات الأخلاق واستقرارها وعدم العبث بها، كما يعتبر في الوقت
نفسه شجرة مثمرة طيبة لهذه العقيدة، يقول الشيخ محمود شلتوت في هذا المعنى: (إن
العقيدة دون خلق شجرة لا ظل لها ولا ثمرة، وإن الخلق دون عقيدة ظل لشبح غير مستقر)
(4) ...
أما عن ارتباط الأخلاق بالشريعة، فالشريعة منها العبادات، والمعاملات،
وصلة الأخلاق بالعبادات لا تحتاج إلى تقرير، وصلتها بالمعاملات لا تنفك، وعلى هذا
فإن العبادات والمعاملات إذا عريت عن الأخلاق لا تغني عن صاحبها شيئاً
...
ثالثاً: آثارها في سلوك الفرد والمجتمع:
تظهر أهمية الأخلاقية الإسلامية
لما لها من أثر في سلوك الفرد، وفي سلوك المجتمع.
أما أثرها في سلوك الفرد فلما
تزرعه في نفس صاحبها من الرحمة، والصدق، والعدل، والأمانة، والحياء، والعفة،
والتعاون، والتكافل، والإخلاص، والتواضع ... وغير ذلك من القيم والأخلاق السامية،
فالأخلاق بالنسبة للفرد هي أساس الفلاح والنجاح، يقول تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَن
زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا [الشمس: 9 - 10]، ويقول سبحانه: قَدْ
أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى: 14 - 15]،
والتزكية في مدلولها ومعناها: تعني: تهذيب النفس باطناً وظاهراً، في حركاته وسكناته
(5).
وأما أثرها في سلوك المجتمع كله، فالأخلاق هي الأساس لبناء المجتمعات
الإنسانية إسلامية كانت أو غير إسلامية، يقرر ذلك قوله تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ
الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: 1 -
3].
_________
(1) ((التربية الأخلاقية () أبادير حكيم (ص: 118).
(2) رواه
مسلم (2564).
(3) رواه الترمذي (3955) واللفظ له، وأحمد (2/ 361) (8721). وحسنه
الترمذي، وحسن إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4496)، وصححه الألباني في
((صحيح الجامع)) (5482).
(4) ((الإسلام عقيدة وشريعة)) محمود شلتوت (4/
43).
(5) ((خلق المسلم)) الشيخ: محمد الغالي (ص: 15).
فالعمل
الصالح المدعم بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر في مواجهة المغريات والتحديات من
شأنه أن يبني مجتمعاً محصناً لا تنال منه عوامل التردي والانحطاط، وليس ابتلاء
الأمم والحضارات كامناً في ضعف إمكاناتها المادية أو منجزاتها العلمية، إنما في
قيمتها الخلقية التي تسودها وتتحلى بها.) (1)
وهذه (جملة من النصوص الدالة على
أهمية الأخلاق، وأنها تحقق ... سعادة الدنيا والآخرة.
1 - امتثال أمر الله
سبحانه:
كثيرة هي الآيات القرآنية التي تدعو العاقل إلى امتثال أمر الله سبحانه
في الأخلاق، إما إيجابا، أو نهيا، أو إرشاداً، ومنها:
قال الله تعالى: خُذِ
الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:
199].
وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ
بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6].
وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا
نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا
أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ
الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ
إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن
يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [الحجرات: 11 - 12].
ولهذا لما سئلت عائشة رضي الله عنها ما
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: ((كان يكون في مهنة أهله – تعني
خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة)) (2).
وهكذا كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يمتثل أمر الله تعالى في كل شأنه قولاً وعملاً، وكان خلقه
القرآن.
2 - أنها طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن أبي ذر رضي الله
عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة
الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)) (3).
3 - أنها سبب لمحبة الله
تعالى:
قال الله تعالى: وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
[البقرة: 195].
وقال تعالى: وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران:
146].
وقال سبحانه: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [المائدة: 42].
وعن
أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: ((كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم كأن
على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم، إذ جاءه أناس، فقالوا: من أحب عباد الله إلى
الله؟ قال: أحسنهم خلقا)) (4).
4 - أنها سبب لمحبة رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاق)) (5).
5 -
أنها من أعظم أسباب دخول الجنة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: ((تقوى الله وحسن الخلق))
(6).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مر
رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين، لا يؤذيهم، فأدخل
الجنة)) (7).
والنصوص في حسن الخلق كثيرة، منها:
أنها دليل كمال
الدين.
وأنها أثقل شيء في الميزان.
وأنها عبادة يبلغ بها العبد درجات الصائم
القائم.
وأن صاحب الخلق من خيار الناس.
وأنها من خير أعمال الإنسان.
وأنها
سبب تأييد الله ونصره.) (.
_________
(1) ((الأخلاق الإسلامية)) لحسن
السعيد المرسي (ص: 24). -بتصرف –
(2) رواه البخاري (676).
(3) رواه الترمذي
(1987)، وأحمد (5/ 153) (21392). قال الترمذي: حسن صحيح. وحسنه الألباني في ((صحيح
الجامع)) (97).
(4) رواه الحاكم (4/ 441)، والطبراني في ((الكبير)) (1/ 181).
قال الهيثمي في ((المجمع)) (8/ 27): رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في ((إتحاف
الخيرة)) (6/ 9): رواته محتج بهم في الصحيح.
(5) رواه الترمذي (2018)، وقال: حسن
غريب من هذا الوجه. وحسن إسناده الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (791).
(6)
رواه الترمذي (2004)، وأحمد (2/ 442) (9694)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (289).
قال الترمذي: صحيح غريب. وصحح إسناده الحاكم (4/ 360)، وقال البغوي في ((شرح
السنة)) (13/ 79): حسن غريب. وصححه الذهبي في ((التلخيص)).
(7) رواه مسلم
(1914).
( ((موسوعة الأخلاق)) لخالد الخراز (ص: 33) –بتصرف
–. الثمرات
المستفادة من دراسة الأخلاق
هنالك
فوائد وثمرات كثيرة تستفاد من دراسة علم الأخلاق منها:
(الثمرة الأولى: الدعوة
إلى الله عز وجل، والذي يظن أن الناس تدخل في الدين فقط لأنهم يقتنعون عقلياً فقط،
لا شك أنه مخطئ ...
وكثير من الناس يدخلون في الدين لأنهم يرون أن أهل هذا الدين
على خلق، وأن الدعاة إلى الله عندهم أخلاق، والشواهد في هذا الباب كثيرة ...
فالاستقامة على الأخلاق لها أثر كبير، ونفعها بليغ، ولا أدل على ذلك مما جاء في
السيرة النبوية من أن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم كانت محل إعجاب المشركين قبل
البعثة، حتى شهدوا له بالصدق والأمانة.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:
((لما نزلت هذه الآية: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214]. قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل،
أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذباً. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد))
(1).
وقد بدأ انعكاس الصور السلوكية الرائعة في تأثيرها في انتشار هذا الدين في
بعض المناطق التي لم يصلها الفتح؛ إذ دخل في هذا الدين الحنيف شعوب بكاملها لما
رأوا القدوة الحسنة مرتسمة خلقاً حميداً في أشخاص مسلمين صالحين، مارسوا سلوكهم
الرشيد، فكانوا كحامل مصباح ينير طريقه لنفسه بمصباحه، فيرى الآخرون ذلك النور
ويرون به، وليس أجمل منه في قلب الظلام، وبناء على ذلك الإقبال سريعاً دون دافع سوى
القدوة الحسنة، فرب صفة واحدة مما يأمر به الدين تترجم حية على يد مسلم صالح يكون
لها أثر لا يمكن مقارنته بنتائج الوعظ المباشر؛ لأن النفوس قد تنفر من الكلام الذي
تتصور أن للناطق به مصلحة، وأحسن من تلك الصفات التمسك بالأخلاق الحميدة التي هي
أول ما يرى من الإنسان المسلم، ومن خلالها يحكم له أو عليه ...
الثمرة الثانية:
تقوية إرادة الإنسان، وتمرين النفس على فعل الخير وترك الشر، حتى تصبح سجية في
النفس نحو الفضيلة حتى تتحقق السعادة، ولكن كم من الناس عن سعادتهم غافلون! وقد
يحرمون نفوسهم من خير كثير بسبب قلة أدبهم ...
ما أجمل الأدب بالأفعال! فقد خاصم
رجل الأحنف فقال الرجل: لئن قلت واحدة لتسمعن عشراً، فقال الأحنف: لكنك إن قلت
عشراً، لم تسمع واحدة (2).
فالواجب على العاقل أن يحرص على تقوية إرادته، ويؤدب
نفسه على الأخلاق الحسنة، ويحملها على العدل، ولا يكن أول الظالمين لها.
قال
تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا
فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ
بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر:
32].
فالظالم لنفسه هو المقصر في عمله تجاه ربه الذي أحسن إليه، أو نبيه، أو
أحداً ممن يجب عليه بره، والمقتصد هو العامل في أغلب الأوقات، وأما السابق بالخيرات
فهو العامل والمعلم لغيره والمجاهد لدينه.
فالواجب أن يكون لنفسه من أعدل الناس،
فمن عدل مع نفسه، فهو العاقل السابق بالخيرات، ومن دساها فهو الظالم لنفسه.
قال
الماوردي: (فأما عدله في نفسه فيكون بحملها على المصالح، وكفها عن القبائح، ثم
بالوقوف في أحوالها على أعدل الأمرين من تجاوز أو تقصير. فإن التجاوز فيها جور،
والتقصير فيها ظلم، ومن ظلم نفسه فهو لغيره أظلم، ومن جار عليها فهو على غيره أجور)
(3) (4).
_________
(1) رواه البخاري (4971)، ومسلم (208)، واللفظ له.
(2)
((سير أعلام النبلاء)) (4/ 93).
(3) ((أدب الدنيا والدين)) (ص: 226).
(4)
موسوعة الأخلاق لخالد الخراز (ص: 38) - بتصرف -.
الغاية
من الالتزام بالأخلاق
الهدف
من الالتزام بالأخلاق عند المسلم هو إرضاء الله سبحانه وتعالى، ولا ينبغي ... أن
يكون هدفه مدح الناس له؛ لأن ذلك يعد من الرياء، وكذلك لا ينبغي للعاقل أن يكون
هدفه من وراء ذلك الكسب المادي فقط، والإسلام أيضاً يهدف إلى بناء مجتمع يقوم على
التراحم والتعاون والإيثار وحب الخير للناس، من خلال علاقات حسنة مع الوالدين
والأبناء، والأزواج، والأرحام، والجيران، وجميع المسلمين، بل وغير المسلمين، بل
يتعدى ذلك إلى الحيوان والجماد، فالإسلام بحمد الله تعالى يهدف إلى حمل المسلم على
التحلي بمكارم الأخلاق، والعيش في ظلها (1).
و (لدى التأمل في النصوص الإسلامية
والمفاهيم العامة المقتبسة منها، نلاحظ أن الغاية من التزام فضائل الأخلاق
والابتعاد عن رذائلها تنقسم إلى عنصرين:
العنصر الأول: اكتساب مرضاة الله تعالى
الخالق الرازق المنعم المحيي المميت، الذي يجازي على الحسنة بأضعافها، ويجازي على
السيئة بمثلها، فإنه سبحانه يحب فعل الخير، ويكره فعل الشر، ومن استطاع أن يرضي
الله تعالى بعمله الصالح ظفر بمقدار عظيم من سعادة الحياة الدنيا في دار الابتلاء،
وظفر بمقدار أجل وأعظم من سعادة الآخرة في دار الجزاء.
والتزام مكارم الأخلاق
التي أمر بها الإسلام أو رغب بفعلها، واجتناب نقائص الأخلاق التي نهى عنها الإسلام
أو رغب بتركها، من الأعمال الصالحات التي يظفر عاملوها بنسب من مرضاة الله تعالى
ملائمة لمقادير أعمالهم ونياتهم، ولذلك يكون نصيبهم من سعادة القلب وسعادة الجزاء
المعجل في الحياة الدنيا؛ على مقدار ما حققوا بأعمالهم ونياتهم من مرضاة الله
تعالى، ويكون نصيبهم المضاعف من السعادة العظمى في الآخرة ملائماً لما حققوه
بأعمالهم ونياتهم من مرضاة الله جل وعلا.
وباكتساب مرضاة الله تعالى تتحقق
النجاة من الشقاوة والتعاسة، التي يجلبها الإنسان لنفسه بإسخاط ربه، فيما يقوم به
من أعمال سيئات.
وهذا الجزاء المسعد لا يظفر به إلا من ابتغى مرضاة الله فأخلص
له النية فيما يقوم به من صالح العمل.
هذا العنصر يتلخص:
أولاً: بالظفر
بسعادة معجلة دنيا، وسعادة مؤجلة أبدية خالدة، وهاتان السعادتان تأتيان جزاء على
أعمال صالحة ابتغى بها وجه الله تبارك وتعالى، وذلك لا يكون إلا مع الإيمان
بالله.
ثانياً: بالنجاة من شقاوة يجلبها الإنسان لنفسه، بإسخاط ربه فيما يقوم به
من أعمال سيئة، يخالف بها أوامر ربه ونواهيه.
العنصر الثاني: تحقيق أقساط من
السعادة المستطاعة التحقيق في ظروف الحياة الدنيا، وهي أنواع السعادة التي تمنحها
سنن الله ي كونه، الشاملة لجميع خلقه، من آمن به منهم ومن كفر به، والنجاة من أقساط
من الشقاوة التي تجلبها الجرائم والجنايات وفق سنن الله في كونه، الشاملة لجميع
خلقه، من آمن به منهم ومن كفر به.
والتزام قواعد الأخلاق الإسلامية كفيل بتحقيق
أكبر نسبة من هذه السعادة للفرد الإنساني، وللجماعة الإنسانية، ثم لسائر الشركاء في
الحياة على هذه الأرض وذلك بطريقة بارعة جداً يتم فيها التوفيق بالنسب المستطاعة
بين حاجات ومطالب الفرد من جهة، وحاجات ومطالب الجماعة من جهة أخرى، ويتم فيها
إعطاء كل ذي حق حقه، أو قسطاً من حقه وفق نسبة عادلة اقتضاها التوزيع العام المحفوف
بالحق والعدل.
فمن الواضح في هذا العنصر أن أسس الأخلاق الإسلامية لم تهمل
ابتغاء سعادة الفرد الذي يمارس فضائل الأخلاق ويجتنب رذائلها، ولم تهمل ابتغاء
سعادة الجماعة التي تتعامل فيما بينها بفضائل الأخلاق مبتعدة عن
رذائلها.
_________
(1) موسوعة الأخلاق لخالد الخراز (ص:
33).
وروعة
الأخلاق التي أرشد إليها الإسلام، تظهر فيما اشتملت عليه من التوفيق العجيب بين
المطالب المختلفة للفرد من جهة، وللجماعة من جهة أخرى، وتظهر فيما تحققه من وحدات
السعادة الجزئية في ظروف الحياة الدنيا، بقدر ما تسمح به سنن الكون الدائمة
الثابتة، التي تشمل جميع العاملين، مؤمنين بالله أو كافرين، أخلصوا له النية أو لم
يخلصوا.
بخلاف العنصر الأول فإنه لا يتحقق إلا لمن آمن بالله وأخلص له في
العمل.
عناصر السعادة:
وحين تتساءل عن العناصر التي يشعر الإنسان فيها
بالسعادة نجد أن أهم هذه العناصر مشاعر اللذات، ومشاعر الخلو من الآلام.
ولذات
الجسد وآلام الجسد أهون اللذات والآلام قيمة، ولكنها تدخل ضمن الوحدات الجزئية التي
تمنح الإنسان قسطاً من السعادة، كرذاذ سريع الجفاف ولا يملأ ساحة النفس والقلب
والروح.
وفوقها تأتي لذات النفس وآلامها، فهي أعمق وأشمل، ومدة بقائها
أطول.
وفوقهما تأتي الذات الروح وآلامها، فهي أعمق منهما، وأشمل منهما، وأبقى
منهما.
وقد تطغى لذة النفس على ألم الجسد فلا يشعر الإنسان بألم الجسد، وقد تطغى
لذة الروح على ألم النفس فلا يشعر الإنسان بألم النفس.
فمغانم السعادة تأتي على
مقدار قيمتها الحقيقية.
وقد تطغى آلام النفس على لذات الجسد، فلا تكون للذات
الجسد أية قيمة، وقد تطغى آلام الروح على لذات النفس، فلا تكون للذات النفس أية
قيمة، فمصائب التعاسة والشقاء تأتي على مقدار قيمتها الحقيقية أيضاً.
فأعلى
أنواع السعادة ما يأتي عن طريق لذات الروح، وينبع من داخل كيان الإنسان. وأشد أنواع
التعاسة والشقاء ما يأتي عن طريق آلام الروح، وينبع من داخل كيان الإنسان، ولا
يأتيه من خارج عنه. ودون ما يأتي عن طريق الروح ما يأتي عن طريق النفس، ودونهما ما
يأتي عن طريق الجسد.
وهذا الذي نبهت عليه النصوص الإسلامية، هو ما انتهى إليه
معظم عقلاء الفلاسفة والأخلاقيين والمفكرين المنصفين.
ومما لا ريب فيه أن أنواع
اللذات كلها قد تساهم مساهمة ما في اغتنام أقساط من السعادة، ما لم تعارضها آلام
أشد منها وأقوى وأدخل في أعماق كيان الإنسان. كما أن أنواع الآلام كلها قد تساهم
مساهمة ما في الإصابة بأقساط من التعاسة والشقاء، مالم تعارضها لذات أشد منها وأقوى
وأدخل في أعماق كيان الإنسان.
والإسلام لم يهمل أي نوع من أنواع اللذات والآلام،
ولكنه قد أدخلها جميعاً في حسابه، ثم أقام قواعد التوفيق الأخلاقي على هذا
الأساس.
وبالإضافة إلى ملاحظة اللذات والآلام لاغتنام أكبر قسط مستطاع من
السعادة للفرد والمجتمع، أدخلت الأخلاق الإسلامية في حسابها – الذي أقامت عليه
قواعد الأخلاق – المصالح والمفاسد، والمنافع والمضار، العاجل من كل ذلك والآجل
للفرد وللجماعة، وأجرت بين المتعارضات منها موازنات وتوفيقات عجيبة، كفيلة بجلب
أعظم نسبة مستطاعة من الخير، ودفع أكبر نسبة يستطاع دفعها من الشر، مع المحافظة على
العدل بين ذوي الحقوق، ضمن ظروف هذه الحياة الدنيا.
وفي الشريعة الإسلامية وفرة
من النصوص المشيرة إلى السعادة بوصفها غاية منشودة، وإلى اللذة بوصفها أمراً قد
توجد به أو معه السعادة.
ووفرة أيضاً من النصوص المشيرة إلى الشقاء الذي يدخل
الحذر منه واتخاذ الوسائل لتفاديه ضمن الغاية المنشودة، ومن النصوص المشيرة إلى
الألم بوصفه أمراً قد يوجد به أو معه الشقاء.) (1)
_________
(1) ((الأخلاق
الإسلامية وأسسها)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني (1/ 37).
مصادر
الأخلاق الإسلامية
إن
الأخلاق الإسلامية هي السلوك من أجل الحياة الخيرة وطريقة للتعامل الإنساني، حيث
يكون السلوك بمقتضاها له مضمون إنساني ويستهدف غايات خيرة.
وقد عرف بعض الباحثين
الأخلاق في نظر الإسلام بأنها عبارة عن (مجموعة المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك
الإنساني التي يحددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان وتحديد علاقته بغيره على نحو يحقق
الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه) (1) (2).
و (المسلمون يستقون مصادر
الأخلاق من القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة، وليس للبشرية أيضاً بديل عن
هذين المصدرين ...
فمصادر الأخلاق في الإسلام تستمد مما يلي:
أولاً: القرآن
الكريم:
يعتبر القرآن الكريم المصدر الأول للأخلاق، والآيات في ذلك كثيرة: قال
تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9]. وقال
سبحانه: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ [النحل: 90].
وقال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ
الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ
الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن
تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33]. ونظائر هذه الآيات
كثيرة في كتاب الله تعالى، وكلها من مصادر الأخلاق.
والرسول صلى الله عليه وسلم
هو أول من تخلق بأخلاق القرآن الكريم وألزم نفسه بآداب القرآن، وفي الصحيح عن عائشة
رضي الله عنها أنها قالت: ((كان خلق الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن)) (3). قال
الحافظ ابن كثير: (ومعنى هذا أنه قد ألزم نفسه ألا يفعل إلا ما أمره به القرآن، ولا
يترك إلا ما نهاه عنه القرآن، فصار امتثال أمر ربه خلقاً له وسجية، صلوات الله
وسلامه عليه إلى يوم الدين) (4).
ثانياً: السنة النبوية:
تعريف السنة باعتبار
كونها مصدرا تشريعيا: وهي أقواله وأفعاله، وتقريراته، والسنة النبوية الصحيحة
المصدر الثاني للأخلاق بنص القرآن الكريم: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ [الحشر: 7]. وقال تعالى:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21]. وقال
سبحانه: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن
كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء: 59]. وقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)) (5). قال إبراهيم الحربي: ينبغي
للرجل إذا سمع شيئاً من آداب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمسك به (6).
ولذا
حرص الصحابة – رضوان الله عليهم – واهتموا وتابعوهم اهتماماً كبيراً وتخلقوا
بالأخلاق الحسنة مستندين في ذلك إلى ما جاء في كتاب الله – سبحانه وتعالى – وسنة
نبيه صلى الله عليه وسلم، فهم قدوتنا وسلفنا الصالح في الأخلاق.)
(7)
_________
(1) ((التربية الأخلاقية الإسلامية)) مقداد يالجين (ص
75).
(2) ((نضرة النعيم)) لمجموعة باحثين (ص22).
(3) رواه مسلم (746).
(4)
((الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم)) (ص: 251).
(5) رواه أحمد (2/ 381)
(8939)، والحاكم (2/ 670)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (273). قال الهيثمي في
((مجمع الزوائد)) (8/ 191): رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة))
(7/ 69): صحيح على شرط مسلم. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (2584).
(6)
((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) (1/ 142).
(7) ((موسوعة الأخلاق لخالد
الخراز)) (ص: 27).
تقسيم
الأخلاق باعتبار علاقاتها
تنقسم
الأخلاق باعتبار علاقاتها إلى أربعة أقسام:
(القسم الأول: ما يتعلق بوجوه الصلة
القائمة بين الإنسان وخالقه ... والفضيلة الخلقية في حدود هذا القسم تفرض على
الإنسان أنواعاً كثيرة من السلوك الأخلاقي: منها الإيمان به لأنه حق، ومنها
الاعتراف له بالكمال الصفات، والأفعال، ومنها تصديقه فيما يخبرنا به، لأن من حق
الصادق تصديقه، ومنها التسليم التام لما يحكم علينا به، لأنه هو صاحب الحق في أن
يحكم علينا بما يشاء.
فكل هذه الأنواع من السلوك أمور تدعو إليها الفضيلة
الخلقية.
أما دواعي الكفر بالخالق بعد وضوح الأدلة على وجوده فهي حتماً دواع
تستند إلى مجموعة من رذائل الأخلاق، منها الكبر، ومنها ابتغاء الخروج على طاعة من
تجب طاعته، استجابة لأهواء الأنفس وشهواتها، ومنها نكران الجميل وجحود الحق
...
القسم الثاني: ما يتعلق بوجوه الصلة بين الإنسان وبين الناس
الآخرين.
وصور السلوك الأخلاقي الحميد في حدود هذا القسم معروفة وظاهرة: منها
الصدق، والأمانة، والعفة، والعدل، والإحسان، والعفو، وحسن المعاشرة، وأداء الواجب،
والاعتراف لذي الحق بحقه، والاعتراف لذي المزية بمزيته والمواساة والمعونة، والجود،
وهكذا إلى آخر جدول فضائل الأخلاق التي يتعدى نفعها إلى الآخرين من الناس.
أما
صور السلوك الأخلاقي الذميم في حدود هذا القسم فهي أيضاً معروفة وظاهرة: منها
الكذب، والخيانة، والظلم، والعدوان، والشح، وسوء المعاشرة، وعدم أداء الواجب،
ونكران الجميل، وعدم الاعتراف لذي الحق بحقه، وهكذا إلى آخر جدول رذائل الأخلاق
التي يتعدى ضررها إلى الآخرين من الناس.
القسم الثالث: ما يتعلق بوجوه الصلة بين
الإنسان ونفسه.
وصور السلوك الأخلاقي الحميد في حدود هذا القسم كثيرة: منها
الصبر على المصائب، ومنها الأناة في الأمور، ومنها النظام والإتقان في العمل، ومنها
عدم استعجال الأمور قبل أوانها، وكل ذلك يدخل في حسن إدارة الإنسان لنفسه، وحكمته
في تصريف الأمور المتعلقة بذاته.
وصور السلوك الأخلاقي الذميم في حدود هذا القسم
تأتي على نقيض صور السلوك الأخلاقي الحميد.
القسم الرابع: ما يتعلق بوجوه الصلة
بين الإنسان والأحياء غير العاقلة.
ويكفي أن تتصور من السلوك الأخلاقي الحميد في
حدود هذا القسم، الرحمة بها، والرفق في معاملتها، وتأدية حقوقها الواجبة. أما الظلم
والقسوة وحرمانها من حقوقها؛ فهي من قبائح الأخلاق، وفي هذا يقول الرسول صلى الله
عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر: ((عذبت امرأة في هرة حبستها حتى
ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من
خشاش الأرض)) (1) ...
ولابد من ملاحظة أن كثيراً من الأخلاق لها عدد من
الارتباطات والتعلقات، ولذلك فقد تدخل في عدد من هذه الأقسام في وقت واحد، إذ قد
تكون لفائدة الإنسان نفسه، وتكون في نفس الوقت لفائدة الآخرين، وتكون مع ذلك محققة
مرضاة الله تعالى) (2).
_________
(1) رواه البخاري (3482)، ومسلم (2242)
اللفظ للبخاري.
(2) ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني
(1/ 37) - بتصرف–.
خصائص
الأخلاق الإسلامية
(لأخلاقنا
الإسلامية خصائص مميزة تنفرد بها، وتجعلها ذات شخصية مستقلة، وطبيعة خاصة.
فهي
أخلاق تستمد مصدرها من كتاب الله تعالى، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وما
دامت أخلاقنا الإسلامية تقوم على القرآن والسنة، فهي بذلك تتسم بالشمول، والصلاحية
للتطبيق في كل زمان ومكان، كما أنها تتسم بأنها قائمة على الإقناع العقلي والوجداني
(العاطفي) معاً، كما أنها تقوم على المسؤولية، فللمسؤولية في أخلاق المسلم جانبان:
شخصي وجماعي معاً، كما أنها تحكم على الأعمال ظاهراً وباطناً، فالرقابة الذاتية لها
أثرها الفعال في أخلاق المسلم، وهي في النهاية تجعل الجزاء العادل لكل من الأخيار
والأشرار في الدنيا والآخرة.
أولاً: الأخلاق الإسلامية ربانية
المصدر:
الأخلاق الإسلامية تعتمد على كتاب الله وسنة الني صلى الله عليه وسلم،
فهي ربانية الهدف والغاية، وعلى هذا فهي بعيدة كل البعد عن الرأي البشري، والنظام
الوضعي، والفكر الفلسفي (1).
وما دامت الأخلاق الإسلامية ربانية المصدر فهي تتسم
بسمة الخلود والصدق والصحة، وكيف لا؟ والله تعالى يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9] ...
ثانياً: الشمول
والتكامل:
من خصائص الأخلاق الإسلامية: إنها شاملة، ومتكاملة، وهي خاصية منبثقة
من الخاصية الأولى، وهي الربانية، فالإنسان لأنه محدود الكينونة في الزمان والمكان،
والعلم والتجربة، كما أنه محكوم بضعفه وميله وشهوته ورغبته، وقصوره وجهله، لذلك كان
من المستحيل أن تكون الأخلاق الوضعية للبشر شاملة وعالمية، فأما حين يتولى الله
سبحانه وتعالى ذلك كله، فإن التصور العقائدي، وكذلك المنهج الحياتي للإنسان يجيئان
بكل ما يعتور الصبغة البشرية من القصور والنقص، وهكذا كان الشمول خاصية من خصائص
الأخلاق الإسلامية (2) ...
ثالثاً: الصلاحية العامة لكل زمان ومكان:
أخلاقنا
الإسلامية ربانية المصدر، وتمتاز بالشمول، ولما كانت كذلك فهي صالح لجميع الناس في
كل العصور، وفي جميع الأماكن، نظراً لما تتميز به من اسهولة واليسر، وعدم المشقة،
ورفع الحرج عن الناس، وعدم تكليفهم بما لا يطاق.
قال تعالى: يُرِيدُ اللهُ
بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185].
قال عز وجل:
يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النساء: 28]
...
رابعاً: الإقناع العقلي والوجداني:
العقل السليم يقنع بما أتت به الشريعة
الإسلامية من نظم أخلاقية متميزة ومستقلة عن غيرها، من النظم الأخلاقية التي وضعها
المفكرون والفلاسفة على حسب البيئة التي يعيشون فيها، أو على حسب أهوائهم.
كذلك
فإن الجانب الوجداني (العاطفي) والذي محله القلب على قناعة تامة بأصول الأخلاق
الإسلامية. إن أخلاقنا الإسلامية بها يقنع العقل السليم، ويرضى بها
القلب.
فالعقل السليم، والقلب النير عندما يعلم أن الأخلاق الإسلامية تنهى عن:
الكذب، والغيبة، والنميمة، وقول الزور، والظلم، والشح، والعدوان، والمنكر بكل
أساليبه يكون على قناعة بهذا الخلق الرباني المتميز والمستقل عن غيره
(3).
خامساً: المسؤولية:
الأخلاق الإسلامية تجعل الإنسان مسؤولاً عما يصدر
منه في كل جوانب الحياة، سواء كانت هذه المسؤولية مسؤولية شخصية، أم مسؤولية
جماعية، ولا تجعله اتكالياً لا يأبه بما يدور حوله من أشياء، وهذه خاصية من خصائص
أخلاقنا انفردت بها الشريعة الغراء.
_________
(1) ((خصائص التصور الإسلامي
ومقوماته)) (ص: 65).
(2) ((أخلاقنا الاجتماعية)) مصطفى السباعي (ص: 173).
(3)
((السلوك الاجتماعي في الإسلام)) حسن أيوب (ص: 167).
ونعني
بالمسؤولية الشخصية: إن الإنسان مسؤول عما يصدر منه عن نفسه إن كان خيراً فخيراً،
وإن كان شراً فشراً، وفي هذا الصدد يقول الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا
فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ
[فصلت: 46].
ويقول سبحانه: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:
21].
ويقول عز وجل: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء:
15].
ويقول تعالى: وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ
[النساء: 111].
ويقول تعالى: السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ
كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء: 26].
فهذه الآيات وغيرها تبين لنا مدى
المسؤولية التي تقع على عاتق الإنسان عما يصدره منه عنه نفسه. ويقول صلى الله عليه
وسلم: (( ... وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها في
جهنم)) (1)، يقول ابن حجر في شرح الحديث: (لا يلقى لها بالاً: أي: لا يتأمل بخاطره،
ولا يتفكر في عاقبتها، ولا يظن أنها تؤثر شيئاً) (2)، فقبل أن تخرج الكلمة من فيك،
أعط نفسك فرصة للتفكير، هل ما ستقوله يرضي الله أم يغضبه؟ هل تكون عاقبته خيراً أم
شراً؟ وطالما لم تخرج فأنت مالكها، فإذا خرجت كنت أسيرها، وإذا كان هذا في الكلام
ففي سائر التصرفات من باب أولى.
ونعني بالمسؤولية العامة (الجماعية): تلك
المسؤولية التي تراعي الصالح العام للناس، فلا يكون الرجل إمعة متكاسلاً، يقول
النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن
ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا))
(3)، وأعلم أن كل كلام الإنسان عليه لا له إلا أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر
الله، كما جاء في الحديث: ((كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمر بمعروف، أو نهي عن
منكر، أو ذكر الله)) (4)، فعليك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر: ((من رأى منكم
منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف
الإيمان)) (5)، وأعلم: ((إن الناس إذا رأوا منكراً، ولا يغيرونه، أوشك الله أن
يعمهم بعقابه)) (6).
سادساً: العبرة بالظاهر والباطن من الأعمال
معاً:
أخلاقنا الإسلامية لا تكتفي بالظاهر من الأعمال، ولا تحكم عليه بالخير
والشر بمقتضى الظاهر فقط، بل يمتد الحكم ليشمل النوايا والمقاصد، وهي أمور باطنية،
فالعبرة إذاً بالنية، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات،
وإنما لكل امرئ ما نوى)) (7)، ... والنية هي مدار التكليف، وعلى ذلك ننظر إلى نية
الإنسان حتى نحكم على عمله الظاهر بالإيجاب أو بالسلب.
سابعاً: الرقابة
الدينية:
الرقابة: تعني مراقبة المسلم لجانب مولاه سبحانه في جميع أمور الحياة
(.
_________
(1) رواه البخاري (6478).
(2) ((فتح الباري)) (11/
311).
(3) رواه الترمذي (2007)، والبزار (7/ 229). وحسنه الترمذي، وضعفه
الألباني في ((ضعيف الجامع)) (6271).
(4) رواه الترمذي (2412)، وابن ماجه
(3974)، وأبو يعلى (13/ 58). قال الترمذي: غريب. وضعفه الالباني في ((السلسلة
الضعيفة)) (1366).
(5) رواه مسلم (49).
(6) رواه أبو داود (4338)، والترمذي
(3057)، ابن ماجه (4005). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه السيوطي في ((الجامع
الصغير)) (2136).
(7) رواه البخاري (1).
( ((الإسلام عقيدة وشريعة)) الشيخ
شلتوت (ص: 4). وعلى
هذا فإن الرقابة في أخلاقنا الإسلامية لها مدلولها المستقل والمختلف عن الرقابة في
مصادر الأخلاق الأخرى، حيث تكون رقابة خارجية من الغير تتمثل في رقابة السلطة،
والأفراد (1).
أما الرقابة في الإسلام فهي رقابة ذاتية في المقام الأول، وهي
رقابة نابعة من التربية الإسلامية الصحيحة، ومن إيقاظ الضمير، فإذا كان المسلم يعلم
أن الله معه، وأنه مطلع على حركاته وسكناته، فإنه يكون رقيباً على نفسه ولا يحتاج
إلى رقابة الغير عليه، يقول تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ [الحديد:
4]، ويقول سبحانه: يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [طه: 7]، ويقول عز وجل: إِنَّ اللهَ
كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1]، فإذا قرأ المسلم هذه الآيات وعرف معناها
فإنه حينئذ يتيقن أنه إذا تمكن من الإفلات من رقابة السلطة، فإنه لن يتمكن من
الإفلات من رقابة الله، وهذا في حد ذاته أكبر ضمان لعدم الانحراف والانسياق إلى
الأخلاق المذمومة (2).
ثامناً: تراعى التدرج:
التدرج في إلقاء الأوامر،
بتقديم الأهم على المهم، واجتناب الأفحش، والسهولة واليسر ... وهو أهم ما يميز
أخلاقنا الإسلامية، فهي لا تطلب من الناس العمل بما لا يطاق، ولا
بالمستحيل.
تاسعاً: الجزاء على الخير والشر:
الجزاء من جنس العمل – كما يقال
– وأخلاق الإسلام تعطي الجزاء لكل من يعمل خيراً، أو يقترف شراً. هذا الجزاء قد
يكون في الدنيا، وقد يكون في الآخرة.
فالأخيار من الناس: جزاؤهم عظيم في الدنيا
والآخرة:
أما جزاؤهم في الآخرة: فتشير إليه آيات كثيرة منها:
قوله تعالى:
وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ
وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:
72].
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ
هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن
تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [البينة: 7 - 8].
وأما جزاؤهم في
الدنيا: فتشير إليه آيات منها:
قوله تعالى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ
- قوله تعالى: لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا
يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ...
والأشرار من الناس:
جزاؤهم عظيم في الدنيا والآخرة
أما جزاؤهم في الآخرة: فتشير إليه آيات كثيرة
منها
- قوله تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ
يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ
وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا
مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ...
وأما
جزاؤهم في الدنيا: فتشير إليه آيات منها:
قوله تعالى: وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً
قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ
مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ
وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [النحل: 112].) (3).
_________
(1)
((نظام الحكومة النبوية)) عبد الحي الكتاني (ص: 470).
(2) ((القيم الخلفية في
الإسلام)) (ص: 11).
(3) ((الأخلاق الإسلامية)) لحسن السعيد المرسي (ص 53) -
بتصرف –.
فضائل
مكارم الأخلاق
1
- مكارم الأخلاق من أعمال الجنة:
(فهي من الأعمال المقربة للجنة الموصلة إليها
المورثة الفردوس الأعلى.
قال صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة
لمن ترك المراء وإن كان محقاً ... وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)) (1).
عن
أبي هريرة رضي الله عنه: ((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس
الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم
والفرج)) (2).
2 - مكارم الأخلاق سبب في محبة الله جل جلاله لعبده:
قال صلى
الله عليه وسلم: ((أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقاً)) (3).
مكارم الأخلاق من
أسباب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم
إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)) (4).
3 - مكارم الأخلاق
أثقل شيء في الميزان يوم القيامة:
قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيء في
الميزان أثقل من حسن الخلق)) (5).
مكارم الأخلاق تضاعف الأجر والثواب:
قال
صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار))
(6).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام
بآيات الله عز وجل لكرم ضريبته وحسن خلقه)) (7).
4 - مكارم الأخلاق من خير أعمال
العباد:
قال صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على
الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما قال: بلى يا رسول الله، قال: عليك بحسن الخلق
وطول الصمت فو الذي نفس محمد بيده ما عمل الخلائق بمثلهما)) (.
5 - مكارم
الأخلاق تزيد في الأعمار:
6 - مكارم الأخلاق تعمر الديار:
قال صلى الله عليه
وسلم: ((حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار)) (9).)
(10).
_________
(1) رواه أبو داود (4800)، والطبراني في ((الكبير)) (8/ 98)،
والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (10/ 420) (21176). وصححه النووي في ((رياض
الصالحين)) (ص216)، وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2648).
(2) رواه
الترمذي (2004)، وأحمد (2/ 442) (9694)، وابن حبان (2/ 224). قال الترمذي: صحيح
غريب. وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2642).
(3) رواه الحاكم (4/ 441)،
والطبراني في ((الكبير)) (1/ 181). قال الهيثمي في ((المجمع)) (8/ 27): رجاله رجال
الصحيح. وقال البوصيري في ((إتحاف ال